هذه صورة نادرة لمصحف عثمان بن عفان ض الذي جمع في عهد خلافته ....
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وهذا بحث موسع لتاريخ هذا المصحف وتنقله بين المدن والامصار مع قصة عثمان المحزنة تعرف على تاريخك حتى لا يحتقرك الاخر
جمع المصادر العربيه على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة كل ما ينزل عليه من آيات .
وكان يتولى كتابة الآيات أربعه لايختلف فيهم أبى بن كعب ومعاذ بن جبل و زيد بن ثابت وأبوزيد(1) , وكلهم من الأنصار, واختلفوا فى رجلين من ثلاثة هما أبو الدرداء(2) وعثمان.
كتبوه فى الرقاع والأكتاف والعسب (3) واكتفى بتدوينه فى هذه المواد فكانت الآيات مفرقه وبالأضافه إلى ذلك وجد الحفاظ من كان يستظهره فى صدره , بعضهم تيسر له أن يعرض ما حفظه على الرسول (ص) والبعض الآخر عن الصحابه(4).
وبذلك يكون المقصود بجمع القرآن فى زمن الرسول( ص ) التدوين فى الرقاع والعسب واللخاف والأكتاف , وكذلك بمعني حفظه فى الصدور .
وبهذا أصبح للقرآن صورتان صورة صوتية , وصورة مكتوبة(5). وكانت الصورة الصوتية أسهل فى التحقيق من التدوين لقلة عدد الكتاب. وعلى هذا النحو كان هناك مصدران للقرآن الكريم الأول المواد سالفه الذكرالتى سجل عليها دون ترتيب والثانى سماعى فى صدور حفاظ القرآن الكريم 0
ولم يكد الرسول (ص) يلحق بالرفيق الأعلى حتى أضطربت أحوال الدوله الأسلأميه وقامت حركة الردة واضطر أبوبكر الصديق رضىالله عنه أن يقف موقفا حازماَ من المرتد ين و لم يتردد فى محاربتهم فى كل أنحاء الجزيرة العربية ودفع المسلمون فى ذلك ثمنا فادحا اذا استشهد منهم نحو ألف فى موقعة اليمامة من بينهم عدد لا يستهان به من حفاظ القرآن الكريم يقرب من أربعمائه وخمسين شهيدا (6) و عند ئذ رأى أبو بكر الصديق ضرورة جمع القرآن الكريم خشيه ضياعه 0 و عهد إلى زيد بن ثابت بجمعه لثـقته فى حفظه وصدقه(7) وهكذا قدم أبو بكر الصديق للإسلام أعظم الخدمات وعاونه فى ذلك عمر بن الخطاب وقام زيد بن ثابت بدوره الذى عهد إليه به على أكمل وجه فكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد عليه شاهدان (
" مبالغه " منه فى الحيطة ويعتبرأبوبكرأول من جمع القرآن بين اللوحين بعد أن كان متفرقا فى قطع من العظم والعسب والحجر والجلد .
وعرف هذا القرآن " بالمصحف " كما كان يطلق الأحباش (9)على كتابهم وأودع المصحف عند أبى بكر ثم عند عمر بن الخطاب فى حياته وأنتهى به المطاف عند حفصه بنت عمر التى كانت تجيد القراءة والكتابة (10)
وأغلب الظن أنه بالخط اللين ( المكى ). وقيل أنه كتب بكل من الخطين الجاف ( المدنى ) الذى عرف بالخط المزوى , والخط المكى اللين (11) .
مصاحف عثمان فى الأمصار الأسلاميه :
وفى خلافه عثمان اتسعت الفتوحات الاسلاميه وشملت بلاد أرمينيه وأذربيجان. وكان حذيفة بن اليمان من بين من شهدوا فتح هذين البلدين(12), ورأى اختلاف الناس فى قراءة القرآن بسبب اختلاف اللهجات مما أدى إلى تعدد القراءات . فسار إلى المدنيه والتقى بعثمان بن عفان وقال له " أدرك هذه الأمه قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى (13). فقرر عثمان بن عفان رضى الله عنه جمع القرآن فى نسخ موحده على قراءة واحدة بلسان قريش ترسل الى الأمصار. وبعث الى السيدة حفصة أم المؤمنين أن ترسل مصحف أبى بكر ليأمر بنسخه وأسند عثمان بن عفان إلى زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام مهمة نسخ المصحف مرتب السور بلسان قريش (14) . ولما فرغ النساخ من نسخ المصحف وكتابته أمرعثمان رضى الله عنه بإحراق ماعداه من مصحف أو مصاحف خاصة كان يحتفظ بها الصحابة. وقد اختلف فى تحديد السنه التى تم فيها استنساخ المصاحف والأرجح أن ذلك (15) تم سنه 30 هـ. ورغم هذا الموقف المحمود الذى وقفه عثمان بن عفان رضى الله عنه لتوحيد المصحف على قراة واحدة واحراق الصحف الأخرى التى تسببت فى اختلاف كلمة المسلمين وتكفير بعضهم لبعض فقد كان هذا الموقف سببا من أسباب (16) الثوره عليه. وعرفت هذه المصاحف " بالمصاحف الأئمة " أو " المصاحف العثمانيه " وقد اختلف فى عدد المصاحف العثمانية التى أرسلت الى الأمصار: فأبو كرالدانى جعلها أربعة وزعت على الكوفة والبصره ودمشق , وترك عثمان عنده نسخة لنفسه (17). وحذا الزركشى فى البرهان حذو الدانى فى المقنع (18).
أما السجستانى فيورد فى كتاب المصاحف روايتين :
الأولى :- على لسان حمزة الزيات جعلها أ ربعه مصاحف .
والثانية :- جعلها سبعة مصاحف توزعت على مكة والشام واليمن والبحرين والبصره والكوفة و المدنية (19). وينفرد اليعقوبى برواية حدد(20 ) فيها عدد المصاحف فيها
بتسعة فى حين جعلها ابن الجزرى ثمانيه (21 ) من بينها مصحف استبقاه لنفسه يقال له " الأمام" ويميل جمهور من الباحثين إلى أن المصاحف الأئمه كانت سته (22) وينبغى أن نفرق بين المصاحف التى أرسلها عثمان رضى الله عنه إلى الأمصار ومن بينها مصحف المدينه , وبين مصحفه الخاص به الذى كان يقرأ فيه ساعة استشهاده , وهو الذى قيل أنه خطه بيمينه , وهو موضوع بحثناهذا .
مصحف عثمان الشخصى
تجمع المصادر العربية على أن عثمان بن عفان عنه عندما أقدم المحاصرون لداره على اقتحامها يوم استشهاده أخذ مصحفه الخاص ووضعه على حجره ليتحرم به ويقرأ فيه واستشهد وهو يتلو القرآن . وتناثرت قطرات من دمائه على بعض ورقات من مصحفه " الامام " منها قطرات على قوله عز وجل " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " (23) وقد واكبت المصحف الامام منذ استشهاده صاحبه ادعاءات مختلفه بحيازته , ومن هنا تبدأ مشكلة مصير هذا المصحف . وفيما يلى عرض موجزلأهم هذه الادعاءات والمزاعم .
أ- من المصاحف التى زعموا أنها مصحف عثمان الذى يحمل آثار قطرات دمه مصحف مصر. ويذكر المقريزى أنه استخرج من خزائن المقتدر بالله العباسى , ونقل الى جامع عمرو فى 5 من المحرم سنه 378 فى خلافة العزيز بالله (24) , وإن كان نقله لم يثبت بأى نص تاريخى , وظل مصحف مصر الذى زعموا أنه مصحف عثمان محفوظا بمدرسه القاضى الفاضل الواقعه قرب المشهد الحسينى ثم نقل بعد تخريب المدرسة الى القبه التى أنشأها الساطان الغورى تجاه مدرسته وظل محفوظا بها حتى سنه 1275 هـ عندما نقل آثار نبوية الى المسجد الزينبى ثم الى خزائن الأمتعه بالقلعه ثم الى ديوان الأوقاف سنه 1304 هـ. ومن هناك نقل فى العام التالى الى قصر عابدين , وأخيرا الى المسجد الحسينى فى نفس السنة (25) ويستبعد السمهود أن يكون هذا المصحف هو نفس مصحف عثمان الخاص به(26). ويرجح أن يكون أحد المصاحف التى كان قد بعثها عثمان الى الأمصار. وللرد من جانبنا على هذا الزعم لابد أن نشير الى حقيقه هامه و هى أن عثمان لم يبعث الى مصر نسخه من المصاحف العثمانيه فان اسم مصر لم يرد بين الأمصار التى تلقت مصاحف عثمان وفقا لما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام والسجستانى وأبو عمرو الدانى مما يدفعنا الى ترجيح الرأى القائل بأن عثمان لم يرسل نسخة من مصحفه الى مصر(27). ولما كانت الأستاذة الدكتورة سعاد ماهر قد درست خط مصحف مصر وأثبت أن خطه يرجع الى عصر متأخر عن عصر عثمان بن عفان (28)
فاننا نرى أنه ربما كان هذا المصحف قد استنسخ من أحد المصاحف العثمانيه كمصحف الشام مثلا فإن حركه استنساخ المصاحف كانت قد نشطت كثيرا فى العصر الأموى وقد ذكر أن الحجاج بن يوسف الثقفى قد أرسل نسخا من مصحفه الى الأمصار ومن بينها مصر وأن ذلك التصرف قد استثار غيره عبد العزيز بن مروان والى مصر الذى بادر بنسخ مصحف لمصر رصد له القراء والمراجعين المتخصصين بحيث صدر مطابقا للمصحف العثمانى وبذلك يكون هذا المصحف أول مصحف رسمى لمصر (29).
ب_ والأدعاء الثانى يتعلق بمصحف البصرة فقد ذكر ابن بطوطة فى جملة ماكتب عن رحلته الى البصره أنه شاهد فى مسجد أمير المؤمنين على المصحف الكريم الذى كان عثمان رضى الله عنه يقرأ فيه لما قتل وأثر تغيير الدم فى الورقة التى فيها قوله " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " (30) . ونستبعد أن يكون هذا المصحف هو نفس مصحف عثمان الذى كان يقرأ فيه ساعة استشهاده لأن بنى زيان كانوا يحتفظون بهذا المصحف فى خزائن سلاطينهم فى تلمسان الى أن استرده أبو الحسن على المرينى منهم فى سنه 738 هـ (1337م ). ثم إن العراق وقت زيارة ابن بطوطة له كان يخضع لدولة ايلخانات المغول فى ايران الذين كانوا قد اعتنقوا الإسلام منذ أن تولى سابعهم غازان خان الإسلام (1295م). ولوافترضنا جدلا أن المصحف الذى رآه ابن بطوطه فى البصرة هو مصحف عثمان وأنه انتقل الى بغداد الى البصرة فى أعقاب سقوط بغداد سنة (656) فى أيدى المغول فكيف نفسر ظهور مصحف آخر عليه قطرات دم عثمان فى خزائن المرينيين فى المغرب اللهم الا إذا كان أحدهما مزيفا. ونحن لا نشك فى المصحف المغربى , وكان فى الأصل محفوظا فى جامع قرطبة , ثم حمله الموحدون الى مراكش خشيه أن يتعرض للضياع فى قرطبه التى كانت تتهددها قوات القشتاليين ولم يكن الموحدون من السذاجه بحيث يحملون المصحف مع جامع قرطبه عندما تهدده الخطر القشتالى الى عاصمتهم مراكش ويتفننون فى الإحتفال به و ترصيعه بأنفس الدرر واليواقيت ويجندون المهندسين وأرباب الحيل الهندسيه لحفاظ عليه داخل خزائن تفتح وتغلق آليا و يحمله خلفاؤهم فى حملاتهم تبركا مالم يكن هذا المصحف موضع التبجيل والتكريم هو أو على الأقل بضع ورقات منه من مصحف عثمان الأصلى . وهذا يدعونا الى الشك فى أصالة مصحف البصرة الذى رآه ابن بطوطة ولا يبقى أمامنا سوى افتراض أن يكون هذا المصحف المحفوظ بالبصرة أحد المصحفين اللذين أرسلهما عثمان بن عفان الى العراق (31) وأن تكون آثار قطرات الدم التى تركزت على الآية " فسيكفيكهم الله " قد وضعت عمدا للتمويه واقناع البسطاء من بأنه مصحف الخليفة الشهيد .
ج-والادعاء الثالث يتعلق بمصحف طشقند , فمكتبة الإدراة الدينية بطشقند تحتفظ بمصحف مكتوب على الرق يزعمون أنه مصحف عثمان ويتميز هذا المصحف بأنه خال من النقط وأن كل صفحة من صفحاته تشتمل على 12 سطرا وان عدد ورقاته عددها 353 ورقة وقياسها 68 سم * 53 سم (32 ) . ويتساءل البعض عن كيفيه وصول هذا المصحف الامام الى سمرقند الى أن نقل سنه 1869 م الى موضعه الحالى بطشقند (33) .
ويفترض حلا لذلك افتراضين : الأول أن يكون هذا المصحف قد وصل الى سمرقند إبان حكم القبيلة الذهبيه (621 - 907 هجرية ) وأنه كان هدية من الظاهر بيبرس الذى تحالف مع بركة خان رئيس هذه القبيله وأول من أسلم من المغول وصاهره .
والا فتراض الثانى : فى أقوال هؤلاء المؤرخين أن يكون هذا المصحف الذى رآه ابن بطوطه عند زيارته للبصره (34 )
ثم نقل الى سمرقند على يد تيمور لنك(771- 807 هـ) .
و الافتراض الأول مرفوض تماما لأنه لايقوم على أساس صحيح لأ ن نسبة مصحف مصر الى عثمان بن عفان أمر مشكوك فية أساسا . وفى هذه الحالة يصبح مصحف بيبرس الذى أهداه لبركه خان مزيفا فى نسبته الى عثمان لأن ذلك يعنى أن مصر كانت تحتفظ زمن المماليك بنسختين من المصاحف العثمانيه وهذا محال بطبيعه الحال لأن مصحف عثمان الذى اصطبغت بعض أورقه بدم عثمان واحد فقط يضاف الى ذلك الحقيقه بأن عثمان بن عفان لم يرسل أصلا الى مصر نسخه من المصاحف التى أمر بنسخها وأن عبد العزيز بن مروان هو أول من نسخ مصحفا رسميا فى مصر على نسق المصحف العثمانى. أما الافتراض الثانى فقد لقى قبولا (35) عند بعض الباحثين ورفضا من البعض الآخر (36) فالذين يؤيدون فكرة انتقال المصحف من البصرة الى سمرقند يقصدون به واحدا من النسخ التى بعث بها عثمان الى الامصار الاسلامية ويستندون فى ذلك الى أن صور الخط الذى كتب به مصحف طشقند أقرب مايكون الى صورة الخط الذى كتب به مصحف الامام أى أن تأييدهم ينحصر فى أن مصحف سمرقند يمكن أن يكون نفس المصحف العثمانى الى البصرة أما الرافضون لهذا الافتراض فيرون ان الصنعه الفنيه تظهر واضحة فى مصحف طشقند ممثله فى رسم الحروف مما يشير الى أن الخط الذى كتب به لايرجع تاريخه الى خلافة عثمان وإنما يرجع الى القرن الثانى أوالثالث للهجرة فالخطوط المستقيمة تبدو كأنها رسمت بمسطرة .
د- الادعاء الرابع : يتعلق بمصحف حمص فقد شاهد الشيخ اسماعيل بن عبدالجواد الكيالى فى مسجد قلعة حمص المصحف العثمانى محفوظا فى خزانة والخزانة موضوعة داخل صندوق لحفظه (37) . ويذكر الشيخ الكيالى أنه كان مكتوبا بالخط الكوفى الغليظ وأنه شاهد آثار دماء فى بعض الكلمات ولكن العلماء المتخصصين فى علم الخط والنقوش الكتابية يرون أن الخط الكوفى الذى كتب به مصحف حمص يرجع الىعصر متأخر مما يؤكد أنه كتب فيما بعد القرن الأول الهجرى.
هـ - والادعاء الخامس : هو مصحف استنبول فمتحف طوب قابو سراى باسطنبول يحتفظ بمصحف مكتوب على الرق يزعمون أنه نفس المصحف الذى كان بيد عثمان يوم استشهد وأن آثار الدماء ما تزال واضحه على ورقاته حتى اليوم ولكن بالرجوع الى وصف المصحف يتضح أن هذه النقاط الحمراء التى يزعمون أنها آثار دم عثمان ليست سوى رقوش ودوائر بداخلها خطوط هندسية وفى ذلك ما يؤكد بأن المصحف لا يمت بصله إلى المصاحف العثمانية اذا لم يكن الرقش والتنقيط من خصائص تلك المصاحف.
الأسكندرية