محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
الاوضاع قبل البعثة النبويّة
لم يكن العرب يومئذ ـ أيّام الجاهليّة ـ أهل كتاب ولا ديانة سماويّة ترفع من مستواهم الفكري والاجتماعي والحضاري ، فلقد كان الجهل والاُميّة والخرافة تسيطر على الجزيرة العربية وتعبث بالعقول والمعتقدات.
كان العرب يعبدون الأصنام والأوثان والجن والنجوم والملائكة ، وقليل منهم كانوا على دين إبراهيم وموسى والمسيح (ع) .
وعلى هذا الحال كانت الاُمّم الاكثر حضارة وتقدّماً منهم ، اليهود والنصارى والمجوس، وهم كانوا أيضاً يعيشون تحت كابوس حياة جاهلية وضلال وانحراف عقائدي وظلم سياسي ، ويخضعون لتسلّط الطواغيت .
كانت تحيط بالعرب ثلاث دول كبرى ، هي دولة الروم في المغرب ، ودولة الفرس في المشرق ، ودولة الأحــباش في الجنوب ، وهي قوى سياسية وحضارية في تلك الايّام .
بينما لم يكن العرب في مكّة وما حولها ، يعرفون مفهوم الدولة ، فلقد كانوا يعيشون سلطة القبليّة وتسلّط الأسياد الأقوياء على الفقراء والعبيد.
في ذلك الظلام الاجتماعي كانت المرأة تعاني حياة البؤس والشقاء ، فلا حقوق لها ولا كرامة ، لأنّها في عُرْفِ ذلك المجتمع الجاهلي ملك للرجل ، تورث كما تورث الحيوانات والممتلكات ، وكان الأبناء يرثون زوجات الأباء ويتزوّجونهنّ .
وكان أحدهم إذا ولدت امرأته بنتاً، سيطر عليه الهمّ والحزن، وشعر بالخوف من العار وسوء السّمعة ، ولجأ إلى قتلها أو دفنها حيّة أو تقبّلها على مضض واحتقار وكراهية .
وعندما نعرف هذه الحقائق نستطيع أن نفهم الاسلام وعظمة نبيّ الاسلام (ص) الّذي استطاع بمشيئة الله تعالى أن ينقذ البشرية ، ويضعها على طريق الحياة الحضارية السامية ، والاستقامة السلوكية الرشيدة .
وقد وصف الله سبحانه رسالة نبيّه (ص) بقوله :
(قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ويُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ ويَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم ) . (المائدة / 15 ـ 16)